-->

الثلاثاء، 9 يوليو 2019

إصلاح موضوع القانون المدني دورة 2012

إصلاح موضوع في القانون المدني
الموضوع:تفسير العقد
الدورة :وقع طرح هذا الموضوع في في مناظرة القبول في بالسنة الأولي بالمعهد الأعلي للمحاماة دورة2016
كذلك وقع طرح هذا الموضوع في مناظرة الملحقين القضائين دورة 2012
إصلاح الموضوع....
المقدمة.
يرمي التفسير إلي تحديد معني العقد و أبعاده كلما حصل إختلاف بين طرفيه في هذا الشأن.
ولمعرفة الجدوي من التفسير يجب التميز بين الذاتية والنظرية الموضوعية،فأما النظرية الذاتية فقد تبنتها المدرسة الفرنسية لمادة التفسير نابع مباشرة من تصورها لمفهوم العقد، فبما أن العقد هو توافق إرادتين ونتيجة حتمية لتلاقيهما،فإنه لايمكن تحديد أثاره الملزمة أو تقييم أبعاده القانونية إلا بالنظر إلي الإرادة المشتركة لطرفيه.فليس للتفسير جدوى إذن سوى الكشف عن تلك الإرادة.
وإذ لا ينازع دعاة هذه النظرية في أن الإرادة في ذاتها هي مجرد أحاسيس و شعور مادامت باقية في حيز النفس ، و بالتالي فإن القانون لايهتم بها بإعتبارها مكونة للرضا إلا بعد حصول التعبير عنها و خروجها بذلك إلي العالم الخارجي كما أنهم يلاحظون مع ذلك أن تطابق مدلول التصريح بالإرادة أو الإرادة الظاهرة مع الإرادة الحقيقية أو الإرادة الباطنة هو مجرد قرينة تبقي قابلة للدحض بإثبات العكس مما يترتب عليه أنه في صورة إختلاف الإرادة الظاهرة عن الإرادة الباطنة فإنه لا يعتد إلا بالإرادة الباطنة و بالتالي فإن نطاق التفسير لا ينحصر في العقود التي تعتري عبارتها الغموض و إنما تمتد أيضا إلي التفسير الواضح إذ ادعى أحد أطراف العقد أنه مخالف الإرادة الباطنة ويعتبر هذا النطاق الواسع للتفسير من الخصوصيات المميزة التي تنفرد بها النظرية الذاتية.
ولا تنكر النظرية الموضوعية أن للإرادة النفسية دور هام في تكوين العقد،لكنها تري مع ذلك أنه يجب علي القاضي أن يعتمد عند التفسير علي التصريح بالإرادة لا علي الإرادة ذاتها وهو مايبرر تسمية هذه النظرية بنظرية أو نظرية الإرادة الظاهرة التي يبين دعاتها أن الرضا لا يتم ولا يكون له أثر قانوني إلا بعد الفصاح به إلي الغير ليصبح عملا إجتماعيا يلزم كلا من طرفيه نحو الأخر في حدود ماصرح به وبصرف النظر عما يكون قد خالج نفسه وقت إصداره.فإذا ماإختلفت الإرادة الباطنة عن الإرادة الظاهرة فإنه لا يعتد إلا بالإرادة الظاهرة التي تعتبر مطابقة للإرادة الحقيقية بموجب قرينة قانونية قاطعة غير قابلة للدحض بإثبات العكس .
ذلك أن العقد لا يكون قابلا للتفسير في ظل هذه النظرية إلا عند غموض عبارته.والهدف من التفسير إنما هو السعي إلي إعطاء العقد معني موضوعيا مطابقا لما يمليه العرف وتفرضه قواعد الإنصاف وحسن النية.
وقد تأثر المشرع التونسي بهذا التصور الموضوعي للتفسير العقد و أقره في م.إ.ع، إذ فالبرغم من تنصيصه علي أن العبرة بالمقاصد وليست بظاهر الألفاظ و التراكيب (الفصل 515 م.إ.ع) نراه يحصر من جهة أخري نطاق التفسير في حالات غموض عبارة العقد (الفصلان 513 و 514 م.إ.ع)مع ذكر طرق تفسير تغلب علي معظمها الصبغة الموضوعية.

ومن هذا المنطلق وجب معرفة قابلية العقوظ للتفسير في مرحلة أولي (عنصر أول)ثم الطرق المعتمدة في التفسير في مرحلة ثانية (عنصر ثاني)
العنصر الأول:قابلية العقود للتفسير
إن تحديد مدي قابلية العقود للتفسير يستوجب التوفيق بين أحكام الفصلين 513 و515 من م.إ.ع ففي حين ينص الأول علي أنه لا عبرة بالدلالة إذا كانت عبارات الكتب صريحة مكرسا بذلك قاعدة خصوصية من قواعد النظرية الموضوعية،فإن الثاني قد أتي بعكس هذه القاعدة عندما نص علي أن "العبرة في التعبير بالمقاصد لا بظاهر الألفاظ و التراكيب" مما يخول مبدئيا للقاضي أن يتجاوز الصيغة ولو كانت واضحة ليبحث عن باطن الأمور غذا طلب ذلك.
ورغم التناقض الذي يبدو واضحا من الناحية النظرية فإن المشرع قد أعفي القاضي عناء حل هذه الصعوبة و إعتني مباشرة ضمن الفصل الذي يتوسط الفصلان المذكوران وهو الفصل 514 م.إ.ع بذكر الحالات التي يسوغ فيها تأويل العقد،و يبدو من التأمل من هذا النص أن المشرع غلب النظرية الذاتية علي النظرية الموضوعية حيث أن التأويل مسموح به علي مقتضاه لا في صورتي غموض عبارة الكتب أو تناقض فصوله فحسب، وإنما أيضا عند إختلاف عبارته الواضحة في ذاتها عن المقصود وصريح الغرض (الفصل 514 فقرة أولي م.إ.ع)
أ/شروط التفسبر
إن الشرط الأساسي الذي لابد من توفره حتي للقاضي بتأويل العقد هو وجود موجب للريب حول المقصود من التعاقد.فإن كانت عبارة العقد سليمة ولا يشوبها من حيث الصياغة أي نقص أو غموض فالسبب الملجئ لريب في هاته الصورة يتمثل حتما في عوامل خارجية عن الكتب من شأنها إقامة الدليل القاطع علي تناقض صيغته مع صريح الغرض منه .وتجدر الإشارة إلي أن إشتراط وجود موجب للريب كشرط أولي للشروع في البحث عن حقيقة المقصود من التعاقد لا يتعارض مع أحكام الفصل 515 من م.إ.ع التي تقدم المقاصد علي الألفاظ و التراكيب وليس سوى نتيجة قرينة تطابق الإرادة الظاهرة مع الإرادة الباطنة التي لا يمكن دحضها إلا بإثبات العكس .لذلك لا يكفي الإحتجاج بنويا و مقاصد مزعومة بل يجب أن يكون طلب التفسير مدما بأدلة قوية و متظافرة قادرة علي تبرير مشروعيته .و إذا تأكد القاضي من وجود موجب للريب فمن واجبه حينئذ أن يشرع في التفسير سعيا وراء الكشف عن إرادة الأطراف الحقيقية.
ب/ جزاء مخالفة شرط قبول التفسير
إذا جنح القاضي علي التفسير في حالة غير إحدي الحالات الثلاث التي يبيحها الفصل 514 من م.إ.ع "إذا كانت عبارته مناقضة للمقصود و لصريح الغرض منه عند تحريره أو إذا كان موجب الريب تناقض في فصول الكتب أوجب ترددا في حقيقة مدلولها" أو إذا إستند إلى إحداها دون أن يوجد في عبارة العقد أو خارجها مايثير التردد في المعني المقصود منه، فغن فقه القضاء يعتبر ذلك من قبيل التحريف الموجب للنقض. و التحريف في مادة العقود هو بمثابة التفسير المرفوض شكلا بسب دقة ووضوح عبارة الكتب.وتستند القرارت القاضية بالنقض من أجل التحريف إلي أحكام الفصل 513 من م.إ.ع الناصة علي أنه "إذا كانت عبارة الكتب صريحة فلا عبرة بالدلالة"
الفقرة الثانية:طرق التفسير
أ:طرق البحث عن الإرادة الحقيقية المشتركة
لقد مكن المشرع القاضي من عدة قواعد من شأنها أن تساعد بالفعل علي الكشف عن الإرادة المشتركة لطرفي العقد. وتنص الجملة الأخيرة من الفصل 517 من م.إ.ع علي ضرورة "العمل بالمتأخر في نسق الكتابة" إذا تناقضت فصول الكتب،فلأن المتأخر في نسق الكتابة محمول علي كونه ينفرظ بالتعبير عن الإرادة المشتركة النهائية للأطراف دون غيره من الفصول المناقضة التي سبقته.كما نص المشرع كذلك بالفصل 518 من م.إ.ع علي أنه "إذا كان في الكنب عبارة أو فصل يحتمل معنيين كان حملها علي مافيه فائدة منه" ذلك أن الكشف عن الإرادة الحقيقية للأطراف عمل دقيق و متشعب يفرض تمكين القاضي من سلطة تقديرية واسعة يستطيع بفضلها أن يتبين المقصود من التعاقد إنطلاقا من الصيغة محل النزاع.
ب:ضرورة إحترام قواعد العرف و الإنصاف و حسن النبة.
يمكن للمتأمل في عبارات الفصول 516و 529 م.إ.ع أن يلاحظ أن عناية المشرع ليست موجهة فيها إلي بيان سبل الوصول إلي الكشف عن إرادة الأطراف بقدر ماهي تراعي من خلال القواعد الأمرة التي تتضمنها البعد الإجتماعي و الإقتصادي للعقد الذي يفرض ضمان إستقرار المعاملات بما يرجع بالفائدة علي الإقتصاد و ذلك بالسهر علي أن تحرر و تنفذ العقود عن حسن نية و علي أن تكون عادلة و مطابقة للعرف الجاري به العمل في المكان و الظروف التي تم فيها التعاقد.
ومامن شم في أن هذا البعد يعد أساسيا في نظر المشرع لما تكفل بفرض حلول إلزامية للعديد من حالات الغموض أو النقض في الكتب دون مراعاة لما قظ تكون عليه إرادة الأطراف المحتملة في مثل تلك الأحوال (الفصول 524 إلي 528 م.إ.ع) وتتأكد نية المشرع من جهة أخرى علي تقديم الثقة في التعامل علي العوامل الذاتية من خلال حرصه علي أن يعتمد في التفسير علي "العرف المعمول به" (الفصول 516،519و526 م.إ.ع) وعلي ماهو من طبيعة المقصود من العقد (الفصل 516 م.إ.ع).

التسميات:
واتساب

مدونة رفعت الجلسة مدونة قانونية تقدم مواضيع ذات علاقة بالقانون و فقه القضاء و التكوين في كليات الحقوق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق